د. كفاح فاخوري

إن الاتفاق على ما يجب على الطلبة معرفته وما بإمكانهم القيام به هو ضرورة إذا أردنا أن يكون التعليم متماسكاً ومؤثراً وفعالاً. في هذا السياق، فإن المعايير في تربية الموسيقى وتعليمها مهمة لسببين أساسيين: الأول، المساعدة في تحديد ما ينبغي أن توفره جودة تعليم الموسيقى من تجذر عميق بمجموعة أساسية من المعارف والمهارات التي تسمح بأن يكون للتخصصات الموسيقية المختلفة المعنى والفائدة.  والثاني، عندما تعتمد المرجعيات والمؤسسات التربوية هذه المعايير فإن هذا يعني أنها باتت تولي هذا الجزء من التعليم، الذي كانت تعتبره اختيارياً ومهملاً في أحيان كثيرة، نفس الجدية والصرامة التي درجت أن توليها لأجزاء من التعليم درجت على وصفها بالجادة والرصينة كالطب والصيدلة والتمريض والهندسة وغيرها.  ولا يتوقف الأمر عند هذه المرجعيات والمؤسسات بل عليه أن يطال أيضاً التلامذة والطلبة على حد سواء بحيث يتعرفون المنصوص عليه هنا، وبأن عليهم الوصول إلى مستويات واضحة من التحصيل المرتبط بالصف أو الدرجة أو المستوى.

وعلى هذه المعايير أن توفر رؤية من الكفاءة والفعالية التعليمية، ولكن دون أن يشكل ذلك قالباً تحصر فيه جميع برامج التعليم الموسيقي.   وتعنى هذه المعايير بالنتائج المتوخاة من أساسيات التعليم في مجال الموسيقى، لا في كيفية التوصل إلى هذه النتائج حيث يترك الأمر في الحالة الأخيرة إلى ما يجري على الأرض داخل المؤسسة التعليمية وفي الصفوف ومن قبل المدرسين.  وبعبارة أخرى، فإن المعايير توفر الغايات التعليمية أو الكفايات لا المناهج، وتساعد في تحسين جميع أنواع تعليم الموسيقى.

إننا نتحدث هنا عما يعرف بمعايير الجودة، فخريج الموسيقى في أي مستوى كان ومن أي مؤسسة تعليمية تخرج منها، أكان ذلك داخل العالم العربي أو خارجه، لا بد وأن يكون بنفس مستوى نظرائه أينما وجدوا في العالم.  وعلى التربية الموسيقية في بلداننا العربية رفض الكيل بأكثر من مكيال، كأن يقال هذا خريج من العالم الثالث بالمقارنة مع خريج من عالم صنف نفسه بالأول.  وقد تكون المسألة سهلة التحديد عند تناول تخصصات موسيقية حدد الغرب مستوياتها أو معاييرها كالتأليف الموسيقي أو العزف على آلة أوركسترالية - على سبيل المثال لا الحصر.  لكن يتعاظم التحدي عند تناول تخصصات الموسيقى العربية.