الملحن والمؤلف الموسيقى بين السرقة والاقتباس

د. علي مشاري – أكاديمي- العراق

لكل من الملحن والمؤلف الموسيقي دور في الموسيقى سواء كانت عربية أم غربية، غنائية أم آلية، لذا تقوم عملية الإبداع بصياغة جملٍ موسيقية مبتكرة.  وهذا يدخل ضمن التطور العقلي لهذا الفنان وما يميّز أعماله عن غيره، كما حدث ذلك مع عباقرة الفن الأصيل الخالد، والأمثلة كثيرة: بيتهوفن وموزارت غربياً، ومحمد عبد الوهاب، وطالب القره غولي، وعمر خيرت عربياً، وغيرهم. 

لا بد أن تحمل الأغنية أو المؤلفة الموسيقية فكراً جديداً وجملاً موسيقية جديدة غير مستخدمة من قبل، مروراً بتراكيب الإيقاع المستخدم مع نسيج الجمل الموسيقية. وهذا يسجل للمبدع الذي سينسج لنا عملاً غير مسروق.

 واليوم نسمع الأغلب والأعم من الأصوات المتشابهة التي لا نكاد نميّز صوتا عن آخر والسبب تكرارية الملحن وتأثيره على الصوت وما أعنيه حقيقة ملموسة حالية.  الملحن هنا أصبحت أعماله متشابهة مملة متكررة فيها سرقة من أعمال مختلفة سواء كانت قديمة أم جديدة ومن أغانٍ عاطفية أو أناشيد دينية، المهم سرقة الجمل الموسيقية ووضعها داخل عمله دون اكتراث لجهد الآخرين متناسياً أن الفن والعلم أمانة. 

ممكن تحقيق نجاحٍ لا بأس به رغم السرقة ورغم عدم تقبلها أخلاقياً ومهنياً؛ ولكن مثل هذا النجاح مؤقت. ومن دون الاكتراث للفن الحقيقي الهادف، هنا يصبح الفن تجارة.

وهذا ما ينطبق أيضاً على المؤلف الموسيقي ولكن بصورة مصغّرة.

أما موضوع الاقتباس فهذا جائز بشرط ان يكون ممزوجا بإبداع لا يشوه العمل الرئيسي ويكون جلياً وواضح المعالم، أي يُبَيِّنُ الملحنُ أو المؤلفُ أن موضوع اقتباسه واضح للمتلقي.

ومن أكثر الفنانين المتهمين بالسرقة الموسيقار محمد عبد الوهاب.  وفي إعلان صريح من قبله عن قبوله الحديث في ما هو مسكوت عنه في لقاء أجراه معه آنذاك الصحفي محمد التابعي عن "سرقات الألحان"، ينوه عبد الوهاب: "أن تأخذ جملة موسيقية وتضعها في اللحن يسمى نقلا، ووفقًا للمعيار الذي وضعته جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى (مؤسسة فرنسية عالمية تأسست عام 1850، تهتم بحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالعمل الموسيقي والشعر) فإن حالات السرقة اشترطت نقل أربعة حقول/مقاييس موسيقية كاملة".  ولكن محمد عبد الوهاب لم يكترث لهذه الضوابط شارحاً أن الأعمال التي اقتبسها قدمها بشكل أكثر جمالاً في الموسيقى العربية.  

وأنا هنا أضم صوتي لصوته؛ فإن كان تقديم اللحن المقتبس بشكل واضح جلي فلا بأس ما دام يقدم بشكل جمالي دون تشويه، وهنا يلعب الإبداع دوراً مهماً.  ولم يكن عبد الوهاب الوحيد بل فعل ذلك الموسيقار فريد الاطرش والرحابنة مع السيدة فيروز في اغلب الأعمال الغنائية.

والجمل الموسيقية لا يستهان بها إن وضعت بشكلها اللائق.  ولا بد من أن تكون رصينة وغير ركيكة لتعيش طويلاً في أذهان الجمهور كما فعل الموسيقار عمار الشريعي في مقدمة مسلسل رأفت الهجّان وغيرها.

لذا أتوجه بمقالي هذا لجميع الإخوة الملحنين والمؤلفين أن يكونوا على قدر المسؤولية في إنتاج عملية الإبداع الموسيقي والابتعاد عن استخدام المقام الواحد والإيقاع الواحد والجمل المتكررة المملة، والألحان المتشابهة التي أدت إلى تأثيرها حتى على الأصوات الغنائية مما دعا إلى الخروج بعملية لا إبداعية .. وقتية النجاح .. مع جل احترامي للبعض.

العمل الموسيقي فكر ويحمل إبداعاً حقيقياً جديداً

لنتذكر جيداً بأن المختص لا يفوته شيء، وإن انتقد فنقده بنّاء وليس هدماً أو إساءة لأحد.  والأمثلة كثيرة داخل عملية الإبداع الموسيقي/الغنائي عربياً وغربياً،  وما الأمثلة التي طرحتها هذه المقالة سوى عينة فقط.

Rate this item
(1 Vote)
Last modified on الأربعاء, 01 شباط/فبراير 2023 09:44
مجلة الموسيقى العربية

مجلة موسيقية تصدرعن المجمع العربي للموسيقى الذي هو هيئة متخصصة من هيئات جامعة الدول العربية وجهاز ملحق بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، يعنى بشؤون الموسيقى على مستوى العالم العربي، ويختص تحديداً، وكما جاء في النظام الأساسي للمجمع، بالعمل على تطوير التعليم الموسيقي في العالم العربي وتعميمه ونشر الثقافة الموسيقية، وجمع التراث الموسيقي العربي والحفاظ عليه، والعناية بالإنتاج الموسيقي الآلي والغنائي العربي والنهوض به.

https://www.arabmusicacademy.org

link

 

ama

اشترك في قائمتنا البريدية

Please enable the javascript to submit this form

هل للإيقاعات الموسيقية تأثير نفسي وبيولوجي وجسدي علينا؟
  • Votes: (0%)
  • Votes: (0%)
  • Votes: (0%)
Total Votes:
First Vote:
Last Vote:
Copyright © 2012 - ArabMusicMagazine.com, All Rights Reserved, Designed and Powered by ENANA.COM