محمــــد علـــي ثامــر - كاتب وباحـث مـن اليمــن
يستمع اليمنيون يومياً لأغانٍ صنعانية سواءً أثناء ممارستهم لشؤون حياتهم اليومية، أو عند جلوسهم للمقيل بعد الظهيرة في مَفَارِجْهم الخاصة[1]، وجلساتهم الهيلمانية، وساعاتهم السُّليمانية، ذلك الفن الغنائي الجميل الذي أدخلته منظمة اليونسكو قائمة التراث الإنساني الشفهي (غير المادي) بتاريخ 7 نوفمبر 2003م؛ نظراً «لأن الغناء الصنعاني له جذورٌ ضاربة في عمق الثقافة اليمنية، كما أنه يلعب دوراً هاماً في الهوية الثقافية والاجتماعية اليمنية، ويُمثل هذا الغناء جزءاً من الثقافة المعاصـرة بفضل بلاغة معانيه وروعة ألفاظه ومهارة فنانيه؛ إضافةً إلى قيمته كدليلٍ تاريخي يُخشى عليه من الاندثار»[2]، لتطلق فيما بعد مشـروعاً للحفاظ عليه وأرشفة جميع جوانبه وتسجيلها وتوثيقها، ودراسة عمقه التاريخي، وإعادة إحياء آلات عزفه، لنصل إلى الصورة المعرفية الكاملة عن تاريخ الغناء الصنعاني وقِدَمَه ومراحل تطوره؛ وكنت شخصياً أحد العاملين في هذا المشـروع.
وفي هذه الأيام، يتعرَّض هذا اللون الغنائي الجميل للعديد من الحملات الظالمة الدَّاعية إلى تحريـمه وتجريـمه، حيث اشتدَّ بأس تلك الحملات في عموم مناطق شمال ووسط اليمن، ولم يتبقَ إلا العاصمة صنعاء، وإن كان على استحياء، فمن النادر أن تحضـر حفل زفافٍ يصدح فيه فنانٌ من فناني اليمن بالعديد من أغاني اللون الصنعاني؛ ليتضح لنا بأن هذا الأمر ليس وليد اللحظة بل هو نتاج مراحل تاريخيةٍ قديمة؛ أي منذ ما يفوق الألف عام، وتحديداً منذ تولي الأئمة الزيديين لمقاليد الحكم في اليمن.
لنتساءل عن أسباب هذه الحملات؟! وهل يعود ذلك إلى قِدَم الغِناء الصنعاني وتاريخه الكبير، أم إلى تسميته بهذا الاسم، أم أن الغرض هو تدمير الموروث الثقافي الكبير لبلدٍ متنوعٍ ومتعدد في موروثه وثقافته الشعبية أو في تراثه التاريخي والحضاري، أم أن التَّزمت الدِّيني والتَّعصب المذهبي كانا هما السبب الرئيسـي وراء حملات تدمير هذا الفن العريق؟! وللإجابة عن هذه التساؤلات الكبيرة والكثيرة، لا بد لنا من التَّعمق أكثر وقراءة ما بين سطور التاريخ عن هذا اللون الغنائي الجميل، وهو ما نحن بصدد إيراده في هذه الدراسة.
الغناء الصنعاني.. عراقة التاريخ
عَرَفَ اليمنيون العزف على الآلات الوترية منذ عصورٍ قديـمة، بدليل القطع الأثرية التي تـمَّ العثور عليها والموثقة مُتحفياً، وهي عبارة عن لوحاتٍ من المرمر الأبيض منحوت عليها صور لفنانات عازفات تحمل إحداهن آلة العود، مما يدل على أن الغناء والعزف في العصـور اليمنية القديمة (وأبرزها السبئية والحميرية) كان من اختصاص النساء (الفريق الوطني للمسح، 2008، ص. 524)، ولهذا يتضح بأنه كان للغناء والموسيقى حيز كبير وحضور جميل في تلك العصور وتحديداً منذ الألف الثالث قبل الميلاد، ولا تغفل كتب التاريخ ذلك، بل وتعكس تأثيره على المناطق والمدن العربية الأخرى؛
لما كان العرب في شمال الجزيرة العربية مُفتقرين إلى الأخذ عن إخوتهم في جنوبها - لما لهؤلاء من سبقٍ حضاري - فلا يستبعد القول بأن الموسيقى كانت من أهم العوامل في تأثير الجنوب على الشمال من الناحية الثقافي (غانم، 1980، ص. 42)، حيث ما زال الحجازيون حتى يومنا هذا يعترفون بأن موسيقى اليمن هي أحسن الموسيقى العربية، وأقربها إلى طبع العرب،... ففي اليمن نشأت أقدم الحضارات العربية، وازدهرت الموسيقى وفنون الغناء، ولم تقتصـر مزاولتها على المتخصصين بل تعدى الأمر إلى الأمراء والملوك (فارمر، 2010، ص. 9-10)، ويذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه (الأغاني): «أن بعض الملوك من تُبَّعٍ في اليمن زاولوا الغِناء، ومنهم (تُبَّع بن إليشـرح) والمُلقب بـذي جدن؛ أي ذي الصوت الجميل, وعَلَس بن يزيد (توفي 525م)» (الأصفهاني، 1905، ص. 37)، ويورد المسعودي أن اليمن عُرِفَت بـموسيقاها حتى في العصور التي سبقت الإسلام؛ وهي موسيقى كانت تُصنَّف بالحميري والحنفي. والحنفي منها كان أكثر حلاوةً وأقرب إلى قلوب الناس (المسعودي، 1966، ص. 134). ومما سبق، يمكن القول عايش اليمني الغناء من الترنيمة في المهد إلى المرثاة في اللَّحد (الأصفهاني، ص. 87).
ومن هذا الزخم الموسيقي الكبير، تعرض اليمن بعد ذلك إلى انتكاسةٍ جراء الغزو الحبشـي (525 – 572م)، ثم إلى دخول اليمن دولة الإسلام التي توجهت نحو الفتوحات واعتبرتها أهمُّ وأجدى، فلم يعد من اهتمام بأيّ ملامح فنيةٍ وموسيقية، وكاد الغِناء يختفي ليس بداعي التحريم بل بكون التوجه نحو نشـر رسالة الإسلام، الذي تناقش فقهاؤه قروناً زمنيةً فيما إذا كان الاستماع للموسيقى حراماً أم حلالاً. وليس من اليسير إدراك كيف بدأت المشكلة؛ نظراً لعدم وجود أي كلمة كراهية مباشـرة في القرآن الكريم (فارمر، ص. 32-33)، وبذلك انحصـرت رسالته الكريمة في بث التعليم الروحي على نطاقٍ واسع، وكادت الموسيقى تختفي في تلك الفترة، حيث لم تشـر مراجع التاريخ الموسيقي إلى أعمالٍ بارزةٍ في ذلك العصر (الشعيبي، 2007، ص. 57)ـ.
ولذلك فمن يتتبع التاريخ سيجد بأن كتبه لم تأت على ذكرٍ الغِناء في البلاد العربية السعيدة سواءً في العصـر الإسلامي أو العصـر الأموي (41هـ/662م – 132هـ/750م) أو العصـر العباسـي (132هـ/ 750م – 655هـ/ 1258م)، حيث لم نجد بين كبار المغنين والعازفين في تلك العصور؛ ابتداءً من عزة الميلاء (توفيت عام 115هـ/ 706م) إلى إسحاق الموصلي (149هـ/ 767م –235هـ/ 850م) من أتى من جنوب الجزيرة العربية إلا «ابن طنبورة» اليمني الأصل الذي امتاز بأغاني الهزج، أو ما يُسمى بالغِناء الخفيف، ووصفه المؤرخون بأنه كان أهزج الناس وأخفهم غناءً (ابن عبد ربه، 1990، ص. 1460)؛ ولكن لم يرد أيضاً أسماء لمشاهير الغِناء في اليمن، اللهم إلا ما أورده لسان اليمن الحسن بن أحمد الهمداني (280هـ/ 893م – 336هـ/ 947م) في كتابه الشهير (صفة جزيرة العرب) بأن «الموالي – وهي طبقة اجتماعية ممن اعتنقوا الإسلام متأخراً، واكتسبوا مكانة اجتماعية أدنى بسبب أصولهم – في القرن العاشـر الميلادي كانوا يؤدون لحوناً عجيبة يرددها الناس رجالاً ونساء» (الهمداني، 1968، ص. 365)، ويظل هذا الفراغ في سجل الموسيقيين اليمنيين يلازمنا حتى نكاد نصل إلى آخر أيام بني نجاح (403 – 553هـ/ 1012– 1158م) في مدينة (زبيد) عندما نسمع كرةً أخرى بأسماءٍ يـمنية في عالم العزف والغناء (الحكمي اليمني، 2010، ص. 104 و107)، أما الصليحيون (439هـ/1047م – 532هـ/ 1137م) وهم المعاصـرون لبني نجاح؛ فبالرغم من تأثرهم بحياة الفاطميين في مصـر، وما اشتملت عليه من مظاهر البذخ والترف؛ فإنهم لم يتركوا في سجلاتهم أثراً واضحاً لأسماء الموهوبين من أرباب العزف والغناء اليمني (غانم، ص. 42-43)، ورغم أن اليمن كانت على اتصالٍ سياسـيٍّ وثقافيٍّ وثيق بمصـر خلال ذلك العصـر؛ فإننا لا نجد في شعر الغِناء الصنعاني قصيدةً تعود إليه لا من إنتاج شعراء مصـر، ولا من إنتاج الشعراء اليمنيين أمثال الشاعر عمارة الحكمي (515هـ/1121م – 569هـ/1174م) الذي انتقل إلى مصـر وصار شاعر البلاط الفاطمي (غانم، ص. 66).
تلا ذلك الدولةُ الأيوبية في اليمن (569– 620هـ/ 1173– 1223م)، ثم دولة بني رسول (620– 858هـ/ 1223– 1452م)، وحتى أيام بني طاهر (858– 923هـ/1452–1517م) فإننا نجد السجلات التاريخية خاليةً من أسماء مشاهير أرباب العزف والغناء في اليمن، وإن كان في بعض سجلات العصـر الرسولي إشارةٌ واضحة إلى الدور الذي كان يلعبه فن الموسيقى وفن الرقص في الأفراح والاحتفالات التي كانت تقيمها الدولة (شرف الدين، 2004، ص. 129)، حيث أن عصـرها كان أخصب عصور اليمن ازدهاراً بالمعارف المتنوعة، وأكثرها إشـراقاً بالفنون المتعددة، وأغزرها إنتاجاً لثمرات الأفكار اليانعة في شتى ميادين المعرفة (الأكوع، 2004، ص. 14).
ومن هذا السـرد يتضح لنا حجم الانتكاسة الكبيرة للغِناء في اليمن، وضياع بعض فتراته، وشتات أنواعه وألوانه واندثار بعضها حيث يقول الشاعر إبراهيم الحضـراني في وصف تلك الحالة: «وبعيدٌ جداً أن نتصور اليمن – وهي مهد الحكمة والفنون ومهد العرائس والشياطين – عقيماً لا تخلق العبقريات، ولا تنبت المواهب، ولا تخصب فيها القرائح والعقول، وهي التي وسم أهلها برقة القلوب، ولين الأفئدة، وطواعية الحب: الحب الذي هو ينبوع الشعر والخيال» (الأنسي، 1978، ص. 22)؛ ولهذا يلجأ العديد من المؤرخين إلى اعتبار العصـر الرسولي هو عصـر ظهور الغِناء الصنعاني، وربطه بظهور الشعر الحُميني[3] في هذا العصـر. ويوجد اختلاف كبير في هذا المجال، حيث يذهب الباحث محمد عبده غانم في كتابه (شعر الغناء الصنعاني) إلى أن زمن ظهور الغِناء الصنعاني: «يـمكن الاستدلال عليه من زمن أقدم قصيدةٍ نُظمت من القصائد التي استعملت في الغناء الصنعاني»، وأبرزها قصيدة (وانسيم السحر هل لك خبر) لابن سناء المُلك (توفي 592هـ/ 1195م)، وأول قصيدةٍ حكمية لكمال الدين بن النبيه (توفي 619هـ/1222م) أيام الدولة الأيوبية في اليمن التي لم تدم أكثر من خمسين عاماً؛ أي أن ظهورها يتجاوز العصـر الرسولي، بل ويـمتد أكثر إلى عصورٍ قديمة؛ سواءً أكان من الغِناء الحميري القديم أم من الغِناء الحنفي الذي يعد الأحدث بنظر المؤرخين.
وحتى هذه اللحظة لم يتفق الباحثون على تحديد تاريخٍ وزمنٍ معين لظهور هذا الفن؛ حيث أن الكثيرين منهم يذهبون إلى تحديد خمسة قرونٍ من الزمن كتاريخٍ لظهور الغِناء الصنعاني، وعلى رأسهم محمد عبده غانم الذي قال: «إن تراث الغِناء الصنعاني يعود إلى ما يُقارب من خمسمائة عام»، ثم تلاه خالد بن محمد القاسمي بالقول: «يعود تاريخ أقدم لون غنائي في الجزيرة العربية، وهو اللون الصنعاني، إلى حوالي خمسمائة عام، وهكذا نجد أن دول الخليج والجزيرة العربية قد تأثَّرت بهذا الفن وغيره من الفنون اليمنية... وإن الصوت الغنائي في الخليج مشتقٌ أساساً من الأغنية الصنعانية» (القاسمي، 1987، ص. 6-7)، أما الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه فقد قال عنها: «إنها أغنيةٍ ثرية وغنية وقديمة، وتعتبر من أقدم الأغاني والألحان في الجزيرة العربية بكلها» (القاسمي، ص. 158)، ويقول الباحث الموسيقي نزار غانم: «نستطيع أن نؤرخ لألوانٍ تراثية متميزة في الأغنية اليمنية وعلى رأسها اللون الصنعاني الذي امتدَّ إلى خارج اليمن، وتقوم الأغنية الصنعانية على الشعر الحُميني الذي يمزج بين العامية والفصحى والشعر الحَكَمي[4]» (القاسمي، ص. 16)، ونستطيع الافتراض، بالنظر إلى غِنى تراث الشعر (الحميني) الذي ولد قبل خمسة أو ستة قرون، أن ما يسمى اليوم بـ (الغناء الصنعاني) يعود إلى تلك الفترة (لامبير، ص. 133).
ولهذا يتميز الغناء الصنعاني بتجريبيةٍ مُدهشة بالنسبة للونٍ فنيٍّ رقيق كهذا، ولعلها لم تكن دائماً كذلك؛ إذ نعرف أن كتابين مفقودين اليوم أُلِفَا في العصـر الرسولي حول بعض الألحان، وفي تلك الفترة كانت تُصنع في (سوق تعز) خمسة أصناف مختلفة من آلة العود (الطُّربي/ القنبوس[5])، وكذلك أشكالٌ مختلفة من الطبول والدفوف، وبانتقال هذا اللون الفني من البلاط الرسولي الباذخ إلى بلاط أئمة الزيدية المُتقشف، مرَّ بتغييراتٍ مهمة؛ فتحوَّل من نشاطٍ عام يُشجعه المتصوفة الشعبيون إلى فنٍّ نخبويٍّ وسـري، وخاضعٍ لرقابة رجال الدين المتزايدة (لامبير، ص. 133)، وتعرّض خلالها وبعدها لانتكاساتٍ عديدة، شديدةٍ وعنيفة، سنأتي على إيرادها في سياق دراستنا هذه، وبسبب هذه الانتكاسات والحملات الظالمة لم يُخلد التاريخ أسم أيٍّ من الفنانين والموسيقيين في اليمن خلال فترةٍ زمنيةٍ طويلة؛ وذلك بسبب عدم الاحترام الذي كانت تقابل به أنشطتهم، بل وكانوا يعدُّون من طبقاتٍ متدنية نوعاً ما بحسب التمايز الطبقي في المجتمع اليمني.
الغناء الصنعاني ... إشكالية التسمية
يتساءل الكثيرون عن سبب تسميته بهذا الاسم؛ هل لأن منشأه مدينة صنعاء أو للدور الكبير لأبنائها في إبرازه وتطويره؟! وللإجابة عن هذا السؤال نذهب إلى التعريف بهذا الفن العريق؛ حيث يُعرفها محمد عبده غانم في كتابه (شعر الغناء الصنعاني): «بأنها أغانٍ صادرة عن صنعاء أو مُستلهمةٍ منها، وهي تُعرف بما لها من مميزاتٍ موسيقيةٍ معينة تـُميزها عن غيرها من الأغاني اليمنية» (غانم، ص. 170)،... ويبدو لأول وهلة أن هذا هو السبب في نسبتها إلى صنعاء؛ ولكن النظرة العميقة تؤدي بنا إلى أن هذا القول لا ينطبق على جميع الأغاني الصنعانية؛ ففي هذه الأغاني يوجد الكثير طبعاً مما أُلفت كلماته وصُيغت ألحانه في صنعاء؛ ولكن بين هذه الأغاني أيضاً ما وضعت كلماته دون شكٍ خارج اليمن... ليصل إلى أن لفن الغناء الصنعاني من القيمة الحضارية بوصفه فناً أصيلاً له جذوره الممتدة في أعماق التُّربة اليمنية... (غانم، ص. 34-35)، وهكذا وجدت هذه التسمية التي تطلق على مجموعة من أغانٍ ذات أصولٍ أقدم، وذات تنوعٍ أكبر، مما بدا في أول الأمر، كما أن العديد من الفنانين اليمنيين في مطلع القرن العشـرين الميلادي قد هاجروا إلى (عدن)، حيث أوجدوا مدرستهم الخاصة بهم، وكانت المناقشات فيما بينهم مُتحمسة: حيث كان أهل صنعاء يُدافعون عن فكرة أن مدينتهم أصل هذا اللون الفني، وأنها تحافظ على تراثه الأصفى؛ ولكنهم لا يستطيعون إنكار إسهام الفنانين الآخرين الذين ليسوا من أبناء صنعاء في تطور هذا الفن (لامبير، ص. 133).
وهنا لا خلاف على دور صنعاء أو عن دور المناطق اليمنية كلها في ظهور وتطور هذا الفن؛ حيث يعد غانم بأن الأغاني الصنعانية ملك لليمن بأسـرها (غانم، ص. 11)، وأن البصمات واضحةٌ عليه من خلال محافظة كل مدينةٍ يمنيةٍ عليه، والسعي نحو تطويره وتدوينه سواءً أكانت صنعاء، أم زبيد، أم تعز أم عدن في العصـر الحديث، وقد اعتمد على بقائه من جهة على ما فيه من شعبيةٍ قوية تتمثل في كلمات هذه الأغاني وموسيقاها التي تكاد تشمل اليمن الطبيعية بأسـرها، ومن جهة أخرى إلى الاهتمام الخاص الذي أبداه رجال الموسيقى المولعون بهذه الأغاني في (عدن) وغيرها من أرجاء اليمن، ذلك الاهتمام الذي أنقذها من الضياع بسبب ما تلقاه الموسيقى عموماً من تعصب رجال الدين (القاسمي، 1987، ص. 26).
الغناء الصنعاني.. حقائق شاهدة على حملات التدمير
بعيداً عن التاريخ الغنائي والموسيقي لليمن وأطواره وأغواره، وعن تسمية الغِناء الصنعاني ونوعيته وزمن ظهوره ومدى تأثيره على ألوان الغناء في الجزيرة العربية والخليج، يجب علينا إيراد التاريخ المظلم والطويل لحملات التحريم والتجريم لهذا الفن الغنائي العريق، وما تعرَّض له مؤدوه من مضايقاتٍ وملاحقات وصلت إلى حدِّ التشنيع بالفنان نفسه إذ اعتبر من أدنى طبقات الشعب اليمني، وإلى وقتٍ قريب كان هذا الفن عيباً وشذوذاً، وكانت الأسـر المُحافظة ترفض أبناءها الذين يهوون الفن، ولا يعتبر قليلاً ما عانى منه الفنان أحمد السنيدار، ولا ما وجده الفنان عبد الكريم تقي الذي آثر الانسحاب من المعركة حفاظاً على حياته. وجعلت التقاليد البالية الكثير من المواهب تحترق بصمت. وكان استمرار البعض في السير على طريق الفن حدثاً تاريخياً ونقطة تحوِّلٍ. وتسببت التقاليد بالفجوة التاريخية القائمة والتباعد بين الأغاني والعصـر الحديث، فنحن الآن نُردد من الألحان ما كان يُردد من أربعة أو خمسة قرون، ونطرب لما كانوا يطربون له، وهذا تخلفٌ موسيقي وتخلفٌ حضاري يحتاج وحده إلى بحثٍ خاص ودراسةٍ مستفيضة؛ فالمفروض أن الألحان تتجدد وتتغير بتغير إيقاع الحياة... وإذا كانت الألحان الكلاسيكية مصدر فخر الشعوب كالأدب الكلاسيكي تـماماً، فإن الألحان الحديثة أكثر تعبيراً عن واقع الإنسان وأصدق تصويرٍ لهمومه وأفراحه المعيشة (المقالح، 1980، ص. 157-158).
ومن هذا الواقع المعيش يتساءل الباحث الفرنسـي جان لامبير في كتابه (طب النفوس.. فن الغِناء الصنعاني): «هل وصل الإنكار على الموسيقيين وإنكار آلات الموسيقى إلى اليمن مع الإسلام منذ القرن السابع الميلادي، أم جاء مع الزيديين، في نهاية القرن العاشـر الميلادي؟! وهذا التساؤل يستحق أن يُطرح لأن الباحثين اليمنيين المعاصـرين يـميلون لتحميل أئمة الزيدية مسؤولية انحطاط الحضارة اليمنية القديـمة» (لامبير، ص. 133)، وللإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من إيراد حقائق عدة مثبتة في كتب التاريخ، لم تجعل الباحثين يـميلون فقط إلى تحميل أولئك وزر تدهور الحضارة اليمنية فحسب، بل إلى انعدام الحياة في هذا المجتمع بكامله، بما في ذلك جوانب الغناء والفن والموسيقى، حيث كان الغِناء مُحرماً، والشعب محروماً من الضـروريات والكماليات معاً، وكان الفن والموسيقى من الكماليات، ولذلك فقد كان التحريم هو القاعدة والتحليل هو الاستثناء، ولذلك ظل الشعب اليمني محروماً من أبسط متع الحياة البريئة، وإذا حدث الآن نوعٌ من الإفراط في وسائل التسلية فإن المسؤولية تعود إلى ذلك العهد الذي كانت الحياة اليومية فيه تنطفئ مع انطفاء الشمس، وكان نباح الكلاب ونهيق الحمير هما الموسيقى التي نشأت عليها أجيالنا المحرومة (المقالح، 159-160)، وهنا يـمكننا سـرد بعض من تلك الحقائق الدَّامغة، وهي:
الحقيقة الأولى: النقل بأن الإسلام حرَّم الموسيقى والغِناء وجرَّمها، مسألة بعيدة عما خاض به العديد من العلماء والمؤرخين حول عدم إيراد نصً صـريح في القرآن الكريم بتحريم الغناء تحريماً قطعياً، وأيضاً ما تصدروا له من تدوين كتبٍ ومؤلفات تناولت موضوع الغِناء وأبطلت دعاوى تحريمه وتجريمه. وإن حاول البعض جعلها من مواطن الخلاف بين أئمة العلماء التي لا ينبغي التشديد في التنكير على فاعلها، ومن أولئك الإمام العلامة محمد بن علي الشوكاني (1172هـ/ 1759م- 1250هـ/ 1834م)، الذي لم يكن يعاني من عقدة إزاء هذا الفن، وكان يهاجم الذين يحاربون وينكرون على أهل هذا الفن، واتهم الفقهاء الذين يقولون إن الغِناء من المحرمات القطعية بالكذب الظاهر والافتراء البحت والطعن في أعراض الصحابة والتابعة وغيرهم من أئمة المسلمين الذين استمعوا للغناء. واعتبر قولهم هذا من أبدع البدع وأوحش الجهالات وأفحش الضلالات، واتهمهم بالجهل بأصول الاستدلال وسذاجة التفكير واتباع الهوى والتعصب المقيت، حيث يقول: «إنَّ من يُوهم الناس لقلة عرفانه بعلوم الاستدلال، وتعطل جوابه عن الدراية بالأقوال أن تحريم الغِناء بالآلة وغيرها من القطعيات المجمع على تحريمها، وقد علمت أن هذه فريةٌ ما فيها مزية، وجهالةٌ بلا محالة، وقصورٌ باغٍ بغير نزاع،» (الحميدي، 2004، ص. 22 و ص. 8)، ويدعم هذا التوجه الباحث والمستشـرق فارمر بالقول: «الموسيقى لم تُحرَّم إلا بعد ظهور الفقهاء المتأخرين»(فارمر، ص. 31).
الحقيقة الثانية: إخضاع بلاد اليمن للتزمت المذهبي والتعصب الديني المُحارب والمُجافي للغناء وأنواعه وأصنافه؛ حيث كان المؤرخون الزيديون لا يجدون في الموسيقى ما يستحق الاهتمام، بل ووفقاً للوثائق التاريخية فلا يبدو أن اليمن عرف التَّزمت الدِّيني قبل قيام الدولة الزَّيدية الأولى في مطلع القرن العاشـر الميلادي، حيث قام الإمام الهادي بن الحسين القاسم الرَّسـي (245هـ/859م – 298هـ/911م) بتحديد عقوباتٍ عديدة لتأديب الموسيقيين، والقُصَّاص والمغنيين الجوالين، يقضـي أهمها بالسجن أو بالعقاب الجسدي بالتحديد، كما جاء في كتابه (الحُسبة الزَّيدية) (لامبير، ص. 135).
الحقيقة الثالثة: إبان الوجود العثماني الأول في اليمن (945 – 1043هـ/ 1539– 1634م) سُمِحَ للفن والغِناء في اليمن، بل وجَلب معه العديد من الآلات الموسيقية، واستخدمها في عروضه العسكرية، بالرغم من التشدد الذي كان حاصلاً في الدولة العثمانية فيما سبق، حيث يسـرد الكاتب دسون في كتابه (عرض عام للإمبراطورية العثمانية) بالقول: «سماع الموسيقى خرقٌ للقانون، وصناعة الموسيقى اعتداءٌ على الدين والشغف بالموسيقى تجاوزٌ للإيمان يرد المرء كافراً» (دسون، ص. 188)؛ إلا أننا نسمع في ظل هذا الوجود العثماني والذي تزامن مع أيام الإمام الزَّيدي شـرف الدين يحيى (توفي 965هـ/1557م)، وإلى أيام ابنه المطهر (توفي 980هـ/ 1572م) عن فنانٍ قدير يعزف ويغنَّي في قصـر الحاكم التركي بصنعاء (شرف الدين، ص. 130)، بل وبروز بعض من أبناء هذه الأُسـرة الزَّيدية الذين يجيدون الشعر الحُميني بل وكان أحد فرسانها وهو محمد عبد الله شـرف الدين (930 – 1010هـ/ 1524 – 1601م) حفيد الإمام شـرف الدين نفسه، مما يدل على أن القصد من وراء حملات التحريم والتجريم لهذا الفن لم يكن حماية الدين أو الدفاع عن حرماته، بقدر ما كان القصد إبعاد الشعب عن روح المقاومة، ومن خلال الفن الذي يعتبر أكثر قدرةً من غيره من وسائل المقاومة على التأثير الشعبي والتغلغل في وجدان الجماهير؛ إذن لم يكن إبعاد الفن عن الساحة اليمنية، ونفيه من حياة الإنسان اليمني عملاً يراد منه الحفاظ على مكارم الأخلاق وحماية القيم الدينية، وإنما كان ذلك الفعل نابعاً عن خطةٍ مدروسة وضعها العهد الإمامي في اليمن ترمي إلى كبت المشاعر الإنسانية وحرمان المواطن من التعبير الصادق عن أحلامه وأحزانه وأفراحه، ومن ثم طمس أحاسيسه الإنسانية وتحويله إلى ذليل صامت يتحمل القهر والعذاب كقدر لا يمكن تغييره أو التفكير في مواجهته (فارع، 1993، ص. 20-22).
الحقيقة الرابعة: جاءت الدولة الزَّيدية الثانية (القاسمية) خلال القرنين السابع عشـر والثامن عشـر الميلاديين، فخفَّفت موقفها الأخلاقي حين ولد ازدهار الدولة، كنتاج لمجيئها بعد عصـر الانفتاح التركي الذي كان باليمن. ويورد المؤرخ عبدالله الحبشـي شهاداتٍ تثبت وجود بعض التسامح الذي ساعد بالتأكيد على نمو موروث الغِناء الصنعاني في تلك الفترة (لامبير، ص. 138) كنتاجٍ أيضاً لأن نهي أئمة الدولة ذاتها عن الغِناء قد زاد الناس ولعاً به ولم يكترثوا بمثل تلك النصائح ومالوا إليه بكل فئاتهم كبيرهم وصغيرهم نسائهم ورجالهم، وكان له أثره حتى في الإصلاح الاجتماعي (الحبشي، حوليات يمانية)، وقد أورد المؤرخ لطف الله جحاف أنه «لما منعت الدولة العلامة محمد بن إسماعيل الأمير (1099– 1182هـ/1687– 1768م) من الوعظ في مسجده، عمل القصائد الملحونة وألقاها على المنشدين بالأبواب والأسواق والطرقات ينعي فيها على العمال والوزراء والقضاة وكل مفرطٍ في دينه، فوضعوا لها الألحان الراقية، وحفظها الصغير والرجل والمرأة والعالم والعامي؛ فهذا بعض من أثر الغناء في المجتمع، وقد عرفت في ذلك الوقت ألحاناً كثيرةً كانت تُغنَّى في مجالس الخاصة، وقد انقرض أكثرها» (جحاف، 2004، ص. 8).
الحقيقة الخامسة: قامت الدولة القاسمية في بعض الأحيان بـمصادرة آلات الغِناء، كما حدث في عهد المتوكل محمد بن يحيى عام 1261هـ/ 1849م؛ فقد قام بتكسير الملهيات من الدفوف والمعازف والمطربات... بل وشجع على إيذاء كلَّ من يُغني أو يعزف، مما أتاح للجميع التهجم والذم لجمهور الفنانين والمغنيين في عصـره ووصل بالبعض إلى القول:
الطبل والزمر باب جامعنا |
|
ظهراً وعصـراً وتارةً عَتَما |
على لحون الغنا مصطنع |
|
كأنه من أشاطب الزَّنـما |
للزمر والنوبة التي معه |
|
تصغون آذانكم ولا صما |
أما الشاعر أحمد حسين شـرف الدين الشهير بـ (القارة) (توفي 1295هـ/ 1878م) فيعد آلات الغِناء والزمر والرقص من جملة المنكرات، ويقول فيها شعراً:
منكرات برزن في زي عادا |
|
ت حسان إليهن مِيل |
ولقينا المحال ثم أبحنا |
|
منكرات منها الغِنا والطبول |
والمزاميـر والرقيـص مع التحـ |
|
ـتاح والمحجرات ثم الخمول |
الحقيقة السادسة: بلغ التعصب ضد الموسيقى في الأوساط الزيدية من الشدة في الأيام التي حكم اليمن فيها الإمام يحيى حميد الدين خلال الفترة (1322هـ/1904م-1367هـ/ 1948م) وابنه أحمد (1367هـ/1948م –1382هـ/ 1962م)، بحيث لم يكن أيُّ عازفٍ من العازفين يجرؤ أن يُمارس فنه بالمفتوح، ولا يستثنى من ذلك إلا العازفون المتجولون المعروفون بالمدَّاحين وهم الذين كانوا وما يزالون يغنّون على نقر الطارات أبياتاً من نظم شعراء الصوفية أمثال: عبدالرحيم البُرعي (توفي 803هـ/1400م) وجابر أحمد رزق (1258هـ/1842م – 1323هـ/1905م) اللذين جمعت أشعارهما بين الغزل الرمزي في الذات الإلهية والمديح النبوي (غانم، ص. 43-44)، بالرغم من أن السياسة العامة في هذين العهدين إزاء كل ما هو أجنبي أصبح قاعدةً أيديولوجيةً لحكام وأئمة اليمن، ولا تقتصـر نظريتهم على الأجنبي فقط، بل تشمل حتى العربي المتأثر بأوروبا، وهذه القاعدة تـمتد على سائر مناحي الحياة، وإنها في الواقع لم تأتِ ملتزمة بعقيدةٍ مذهبية أو دينيةٍ مخلصة، كما كانوا يشيعونها بين الناس، وكما رماها بعض المؤرخين، وإنما جاءت من ذكاءٍ سياسـيٍّ خَبِرَ الحياة بطولها وعرضها، ومنطلقة من دراسة موضوعية لظروف العصـر محلياً ودولياً، وحاصلها هذه المعادلة البسيطة وهي، لكي تبقى الإمامة، يجب بقاء الظلام مرخياً سدوله على كل دروب الحياة، ومن ضمن هذه الدروب كان الغناء الذي قال عنه حجة الإسلام الإمام محمد الغزالي (1335هـ/ 1917م – 1416هـ/ 1996م): «من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسد المزاج وليس له علاج» (القاسمي، ص. 152-153).
ولم يكن لحكام اليمن، ممثلين بالإمام يحيى وولده أحمد، المشهود لهما بالإلمام بأنواع الثقافة والحنكة السياسية؛ إلا استغلال التحريم في أي شـيء ولكل شـيء، ومن يخالف يلقَ العقاب الشديد الذي لا هوادة فيه ولا رحمة (القاسمي، ص. 155-156)، كانت الشـرطة الإمامية عندما تكتشف جلسةً من جلسات الطرب تهاجم المنزل، وتسوق جميع من فيه إلى السجن بتهمة الأعمال المنافية للأخلاق والدين، وكان عددٌ من المواطنين يفقدون لذلك اعتبارهم أمام بقية المواطنين (فارع، ص. 20-22)،... وهكذا فإن الموسيقى والأغاني في العهد الإمامي لم تكن مُحرَّمةً فحسب، بل كانت موضع احتقارٍ وازدراءٍ شديدين من السلطة ذاتها، وبالتالي من الشعب المغلوب على أمره (القاسمي، ص. 155-156).
وكم سمعنا من أحاديث عن وسائل التحايل والتخفي التي كان يتخذها عُشاق الفن لسماع بعض الأسطوانات وبعض الأغاني من الفنانين اليمنيين (فارع، ص. 20-22)، ويقول الحاج العزي سعد يُسـر – والذي عايش هذه الفترة السوداء في حياة الشعب اليمني: «أن من وجد مُتلبساً بالغناء يُعاقب بالسجن، وأن المُطرب (مُدَنَّسْ) لا يُجالسه أحد، ولا يتحدث إليه أحد، ولا يسير معه أحد، وإذا تصادف مواجهة المُطرب في السوق أو الشارع بأحد من أصدقائه أو محبيه يتبادل التحية معهم بالإشارة، وإذا رغب أصدقاء المُطرب بدعوته للغناء؛ فإن هذه الرغبة لا تحصل إلا إذا وجده بالصدفة في الحمَّام البُخاري، ويتبادل معهم الإشارة المتفق عليها، ويحصل اللقاء في المكان المقرر بحيث يكون دخول المكان بأسلوب الخلايا السـرية التي تـُمارس نشاطاً سياسياً بعيداً عن عيون السلطة» (ناجي، 1983، ص. 93)، أما الشيخ[6] الفنان قاسم حسين الأخفش (توفي قبل عام 1382هـ/1962م) فيقول: «كنت ألف العود ببطانية فأشعر وكأنني أسير في اتجاه سجن الرَّادع، أدخل إلى الناس في ظلام، وأُغني في ظلام، وأخرج إلى منزلي في ظلام» (قائد، 2004، ص.28)، وأيضاً يسـرد الفنان الأستاذ أحمد السنيدار عن ذكرياته أيام حكم الإمام يحيى: «كان الفن محصوراً بين جماعات، وكان هؤلاء لا يلتقون إلا في مكان (المقيل) مع الفنان وفي سـريةٍ تامة، أما إذا التقوا بالفنان في الشارع لم يكن بينهم حتى السلام الشـرعي، وكان مُحرَّماً حتى السير مع الفنان أيام حكم الإمام يحيى» (قارع، ص. 23-24)، وغيرها من القصص المُرعبة والمهولة التي كادت أن تقضـي على الغِناء اليمني بشتى ألوانه؛ مما دفع بالعديد من الفنانين الكبار للهروب إلى مدنٍ أخرى الوضع فيها أقل وطأةً وربما أكثر انفتاحاً، ومنها مدينتا عدن والحديدة بل وإلى دولٍ أخرى مثل جيبوتي وأثيوبيا وإريتريا من أجل الحفاظ عليه والاستمرار في أدائه وغنائه، ومن أبرزهم: الشيخ الفنان جابر أحمد رزق، والشيخ الفنان سعد عبد الله الكوكباني (توفي بعد عام 1360هـ/ 1940م)، والشيخ الفنان محمد العطاب، والشيخ الفنان محمد الماس (توفي عام 1354هـ/ 1935م)، وأخوه الفنان عبد الرحمن الماس، والشيخ الفنان إبراهيم محمد الماس (توفي عام 1385هـ/ 1965م)، وهذا الأخير كان عازفاً ومغنياً معروفاً بأدائه للغناء الصنعاني، وعزف ألحانه على اسطوانات رُسمت عليها عبارة (صنعاني) (قائد، ص. 33)، ويعود له الفضل الكبير في تدوين اسم الغناء الصنعاني على عددٍ كبير من الأسطوانات الفنية.
إبراهيم محمد الماس
ومن هذا الواقع فقد بلغت المضايقة للغِناء والعزف الصنعاني في عهد الإمامين يحيى وأحمد حميد الدين من الشدّة بحيث أنه لولا هروب أولئك الفنانين الأعلام، ولولا وجود الغِناء الصنعاني في عدن وغيرهما من المناطق التي لم تكن خاضعةً للحكم الزيدي لتلاشى ذلك التراث الفخم الذي انحدر إلينا من عصورٍ قديمةٍ جداً؛ ففي تلك الأيام كان يعتبر من قبيل المجازفة حتى الاستماع للاسطوانات الموسيقية إذا تـمَّ علناً، وكان راديو صنعاء (افتتح في عام 1947م) لا يذيع من الموسيقى إلا الألحان العسكرية (غانم، ص. 45) أو بعض الموسيقى التركية التي تعزفها موسيقى الجيش أمام الجنود الحفاة في ساحات التدريب وفي أيام العرض (المقالح، ص. 159-160)، ومن كل هذه الحقائق والقرائن، وعلى هذا المنهج الظالم كانت الدويلات الزَّيدية المختلفة التي تعاقبت على حكم اليمن لأكثر من (1.200) عام تتبعه في محاربة الفن والموسيقى، بل عملت على إحداث انتكاسة فكريةٍ واجتماعية مُنيت بها بلادنا قبل قيام ثورة السادس والعشـرين من أيلول/سبتمبر؛ فقد حطمت روح الفن، وقتلت رغبة الإبداع في نفس الإنسان اليمني ومكَّنت للحكام وضع الفنون الجميلة والموسيقى في القائمة السوداء وإدراجها ضمن المحرمات والممنوعات العامة؛ فإنها لم تستطع أن تنتزع من قبل الإنسان اليمني في الريف حنينه الدائم إلى التعبير عن عواطفه الفطرية بأغانٍ ورقصات ترافق مختلف فصول العام وترافق كل المناسبات الدينية والشعبية، ولم تستطع تلك النواهي التي جعلت من الموسيقى والفنون الأخرى رجساً من عمل الشيطان؛ فمن يردد أغنية فإنما يحاول إغواء البشـر.
لقد أعد الإمام يحيى المشانق للفن، كما أعدها في الوقت ذاته للحرية؛ فالفن والحرية كما سبق القول صنوان لا يفترقان، وخلال حكمه تحطمت على مرأى من الناس عشـرات الأسطوانات، وتـمَّ تكسير عشـرات أجهزة الغرامافون المعروفة بصناديق الطرب، كما تـمَّ كذلك تحطيم وشنق بعض الآلات الموسيقية كالعود الذي تـمَّ تعليقه في مكانٍ عام من صنعاء رادعاً لكل من تسول له نفسه استخدامه لإغواء الجماهير المؤمنة (فارع، ص. 20-22)؛ فمنعت الأغاني العاطفية، والرقص، والحفلات الموسيقية، وأسطوانات التسجيل، والراديو،... وحدث في مراتٍ عديدة إحراقٍ علني للحاكي (الفونوغراف) وللآلات الموسيقية في مدن البلاد، وبخاصةً في العاصمة صنعاء... وقد ترك هذا التزمت آثاراً في الذاكرة الشعبية؛ ففي عام 1943م صادر عامل (المحويت) خلال يومٍ واحد حوالي خمسة وثلاثين آلة موسيقية، وأحرقها، وكان الموسيقيون عرضةً للسجن في المدن، وحتى في الأرياف، حيث للإمام سلطةٌ فعلية (لامبير، ص. 139-140)؛ لندرك بأن الإنسان اليمني في الجزء الأخير من عصـر الإمامة لم يتوفر له الضـروري من وسائل العيش بأمنٍ وسلام؛ فقد تعرَّضت الفنون لانتكاسةٍ عميقة ولم يكن سوى الموسيقى التركية أو المارشات العسكرية تعزفها موسيقى الجيش أمام الجنود الحفاة في ساحات التدريب وفي أيام العرض، ولم تكن هذه الألحان أو معظمها غريباً على سمع المواطن اليمني، فهي من صميم الشـرق، وتؤثر في وجدان كل شـرقي، ومع ذلك فلم تكن قادرةً على سد الفراغ الفني في قلب الإنسان اليمني المتعطش للحياة بكل أبعادها الروحية والجمالية (المقالح، ص. 158)، وقد استمر فن الغناء في قائمة التحريم حتى أواخر عهد الإمام أحمد، عندما بدأت إذاعة صنعاء في إرسال برامجها المتواضعة وكان لا بد أن يتخلل هذه البرامج بعض الأغاني، وكان المذيع في فترة الإرسال يسميها أناشيد (فارع، ص. 20-22).
الغناء الصنعاني.. إدحاض حجج التحريم
وفي آخر هذه الدراسة نصل إلى حقيقةٍ مفادها أن هناك شبه اتفاق من قبل الأئمة الزيدية؛ سواءً سابقاً أو لاحقاً، ظاهراً أو مستتراً يذهبون إلى أن ذِكْرَ الفن والموسيقى والغِناء يعدُّ ابتذالاً وخروجاً على الدين الإسلامي برمته!!، بعيداً عن كل تلك الدلائل والقرائن والبراهين التي وقفت بجانب الغِناء بشتى ألوانه في العالم العربي والإسلامي وليس في اليمن فحسب على وجه الاستثناء؛ ولهذا نجد بين فترةٍ زمنيةٍ وأخرى، صدور مثل هذه الدعوات والفتاوى لتحريم وتجريم الغِناء في اليمن وعلى رأسه الغِناء الصنعاني الذي يحوز المكانة الأولى والمرتبة الرئيسية في ألوان الغناء اليمني والتي لم تتعرض لما تعرض له هذا الفن الغنائي العريق؛ ليجعلنا هذا الموقف نتساءل وربما تساءل قبلنا العديد من الباحثين عن أسباب ومسببات هذا التحريم، بل وما هي مصوغاتها؟! فهل يا تُرى يعود السبب إلى المضمون الشعري، أم إلى الآلات الموسيقية، أم إلى الرقص، أم إلى صوت الإنسان نفسه؟! وتكمن الإجابة بالتوضيح؛ فإذا كان السبب يتمثل في أبياته الشعرية؛ فالمعروف أن الغناء الصنعاني يعتمد كلياً على الشعر الحُميني، وهو عادةً ما يبتدئ بذكر الله وينتهي بالصلاة على رسوله الكريم في بلاغةٍ خطابية جزلة، وصورٍ شعريةٍ خلابة؛ وهنا بالتأكيد انتفى السبب الأول.. وإن كان بسبب الآلات الموسيقية فسيكون من قبيل الإطالة أن نتتبع هنا قصة النزاع الطويل المرير الذي دار بين فقهاء المذاهب السُّنية ورجال الطرق الصوفية حول العزف والغناء وتحليلهما وتحريـمهما، ولذلك نكتفي هنا بالتأكيد من جهة على ما حصل من تسليم أهل السنة بوجهة النظر الصوفية في هذا الموضوع،... وبالتأكيد من جهةٍ أخرى على استبعاد هذا التسامح عند أصحاب المذهب الزيدي الذين وجدوا صعوبةً كبرى في التوفيق بين العقلية المعتزلية وطريقة الحياة الصوفية (غانم، ص. 44)؛ إذ كانت الزيدية قد بدت أكثر تزمتاً من تيارات الإسلام الأخرى فإنما يعود ذلك لتفسيرٍ حصـري مقيد لمقاصد الشـريعة الإسلامية (لامبير، ص. 173).
وهنا نتأكد بأن الآلات الموسيقية كانت أحد الأسباب التي تُحَرِّمُ الغِناء في اليمن وعلى رأسها الغِناء الصنعاني، وربما وافق ذلك ذهاب بعض الفرق الدينية إلى تحريم العزف على بعض الآلات الموسيقية كالعود مثلاً، ليأتي السبب الثالث والمتمثل بالرقص؛ فالمعلوم بأن الرقصات الشعبية اليمنية التي ترافقه هي عبارة عن ملاحم قتالية سـريعة؛ وكأنها مبارزة أو منافسة بين الراقصين في حلبة قتالٍ وصـراع، وليس فيها من الهزِّ والغمزِّ واللمزِّ، وتحريك واستخدام مناطق بعينها في جسم الراقص، كما في بعض الرقصات العالمية الشهيرة.. لنصل إلى السبب الرابع وهو صوت الإنسان نفسه، وليس في ذلك شـيءٍ من التحريم؛ فالمذاهب الإسلامية جميعها تدعم الإنشاد الديني القائم على جمال الصوت، وحسن مخارجه، وجودة أدائه، ويُعرف بالتاريخ أن الأنصار في المدينة المنورة استقبلوا الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بنشيدٍ مُلحن وهو (طالع البَدْرُ علينا)، يرافقه الضـرب على الدفوف والطبول، وكانوا دَوِي أصواتٍ شجيةٍ عذبة.
ولهذا فربما يعدُّ السببان الأول والثاني هما محركا التَّعصب الدِّيني والتَّحقير المجتمعي ضد الغِناء والمُغنيين بصورةٍ كبيرة، طوال تلك الفترات الطويلة من التاريخ اليمني، والتي عادت بالظهور من جديد في أيامنا الحالية، حيث ترجع هذه الإجراءات القمعية بالتأكيد إلى عوامل تاريخيةٍ مُعقدَّة، ويمكن فهمها، على الأقل في بداية الإمامة، أو في فترةٍ متأزمة، أو أثناء ثورة على الوجود التركي، أو أثناء الاستيلاء على السلطة (لامبير، ص. 140) – كما هو واقعٌ حالياً – ولهذا تمت ملاحقة الفنانين والموسيقيين ومصادرة آلاتهم ومعداتهم الموسيقية، كما جرى عدم السماح لهم بقيام حفلاتهم الغنائية والموسيقية في معظم مناطق ومدن اليمن (وتحديداً وسطه وشماله)، والتي أصبح دور الزوامل المُلحنة والغريبة على التراث اليمني وعلى فنِّه الغنائي هو البديل عن الغِناء الصنعاني والفن اليمني برمته؛ فإذا ما أقيم عرسٌ ما، يُغني فيه فنانٌ يسجن الفنان، وبجانبه العريس الذي يقضـي شهر عسله بين القضبان الحديدية ليصبح هذا هو قفصه الذهبي، ولا ينقذه من كل هذا إلا دفع مبالغ مالية طائلة وتوقيع تعهدات بعدم إحضار فنانٍ في فرح أحد من أفراد أسـرته وأقربائه، أما ذلك الفنان المسكين فتصادر آلاته الموسيقية، ويغرّم مادياً، ومن ثم يوقع على صك التزام بتركه للفن وعدم ممارسته مستقبلاً، وهذه هي أشدُّ مراحل التجريم للغناء في اليمن؛ وهذا الأمر تكرار لنموذجٍ سبق أن شهده التاريخ في مراتٍ عديدة، والمتمثل بالموروث الكبير من حملات الكراهية والتَّشدد الدِّيني والتَّعصب المذهبي.. وخلافه، وكأن الغرض الأول والأخير إبقاء اليمن خارج نطاق العالم، بل وخارج نطاق الحياة.
المصادر والمراجع:
ابن عبد ربه القرطبي الأندلسي، شهاب الدين أحمد محمد. (1990م). العقد الفريد، ج 4، الطبعة الأولى. دمشق: دار الفكر للنشر والتوزيع.
الأصفهاني، أبو فرج. (1905م). الأغاني، الجزء الرابع، الطبعة الأولى. القاهرة.
الأكوع، إسماعيل بن علي. (2004م). الدولة الرسولية في اليمن، الطبعة الأولى. صنعاء: إصدارات وزارة الثقافة والسياحة.
الأنسي، عبد الرحمن. (1978م). ترجيع الأطيار بمرقص الأشعار، تحقيق: عبد الله عبد الإله الأغبري وعبد الرحمن يحيى الإرياني، الطبعة الثانية. بيروت: دار العودة.
جحاف، لطف الله. (2004م). درر نحور الحور العين، الطبعة الأولى. صنعاء: إصدارات وزارة الثقافة والسياحة.
الحبشي، عبد الله محمد (تحقيق). (1991م). حوليات يمانية من سنة 1224هـ إلى سنة 1316هـ أو اليمن في القرن التاسع عشر الميلادي، الطبعة الأولى. 1411هـ/ 1991م – صنعاء: دار الحكمة اليمانية – صنعاء – اليمن.
الحكمي اليمني، نجم الدين عمارة علي. (2010م). تاريخ اليمن المسمى المفيد في أخبار صنعاء وزبيد وشعراء ملوكها وأعيانها وأدبائها، تحقيق: محمد بن علي الأكوع، الطبعة الرابعة. صنعاء: مكتبة الإرشاد.
الحميدي، مجيب عبد الله. (2004م). فقه الغناء والمعازف عند الإمام الشوكاني، الطبعة الأولى. صنعاء: إصدارات وزارة الثقافة والسياحة.
دسون. عرض عام للإمبراطورية العثمانية، الجزء الثاني.
شرف الدين، محمد عبد الله. (2004م). مبيتات وموشحات، الطبعة الأولى. صنعاء: إصدارات وزارة الثقافة والسياحة.
الشرفي، محمد حسين عبد الله. (2003م). الشعر الحُميني، الموسوعة اليمنية، المجلد الثالث، الطبعة الثانية. صنعاء: مؤسسة العفيف الثقافية.
الشعيبي، فهد محمد. (2007م). تاريخ الموسيقى العربية وعلاقتها بالموسيقى الأوروبية، الطبعة الأولى. صنعاء: المتفوق للطباعة والنشر.
غانم، محمد عبده. (1980م). شعر الغناء الصنعاني، الطبعة الثانية. بيروت: دار العودة.
فارع، طه. (1993م). الأغنية اليمنية المعاصرة، الطبعة الأولى. بيروت: مؤسسة دار الكتاب الحديث.
فارمر، هنري جورج. (2010م). تاريخ الموسيقى العربية، ترجمة: حسين نصار، الطبعة الأولى. القاهرة: المركز القومي للترجمة.
الفريق الوطني للمسح (عدة باحثين). مسح وتوثيق الحرف اليدوية التقليدية في مدينة صنعاء القديمة، الجزء الثاني، الطبعة الأولى. صنعاء: الصندوق الاجتماعي للتنمية.
القاسمي، خالد محمد. (1987م). الأواصر الموسيقية بين الخليج واليمن، الطبعة الأولى. بيروت: منشورات عويدات.
قائد، عبد القادر. (2004م). من الغناء اليمني: قراءة موسيقية. الطبعة الأولى. صنعاء: إصدارات وزارة الثقافة والسياحة.
لامبير، جان. طب النفوس: فن الغناء الصنعاني، ترجمة علي محمد زيد. صنعاء: إصدارات وزارة الثقافة والسياحة.
المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي. (1966م). مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الجزء الرابع، الطبعة الأولى. بيروت: المكتبة العصرية.
المقالح، عبد العزيز. (1980م). يوميات يمانية في الأدب والفن، الطبعة الأولى. بيروت: دار العودة.
موقع منظمة اليونسكو – قائمة التراث العالمي (https://ich.unesco.org/ar/RL/-00077).
ناجي، محمد مرشد. (1983م). الغناء اليمني القديم ومشاهيره، الطبعة الأولى. عدن: مطبعة الجماهير.
الهمداني، أبو محمد الحسن. (1968). صفة جزيرة العرب، الطبعة الأولى. الرياض: دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر.
[1] المفرج: هو أحد الفضاءات المنزلية المخصصة للمقيل في اليمن، وتحديداً في المنازل الصنعانية التقليدية متعددة الطوابق، وتعني كلمة (مفرج) مكان الراحة والاسترخاء والفرجة على المناظر الخارجية الجميلة، بحيث يفرِّج عن الهموم والأحزان؛ وهذا الترابط ليس محض صدفة لكونه مكاناً للاحتفال؛ فبنيته الداخلية تهيئه كمكانٍ للراحة والترفيه عن النفس.
[2] موقع منظمة اليونسكو – قائمة التراث العالمي (https://ich.unesco.org/ar/RL/-00077).
[3] الشعر الحُميني: تسميته ذات أصلٍ يمنيٍّ باتفاق أكثرية الدارسين، ولكنهم يختلفون حول نسبة الكلمة "حُميني" شأنها شأن كلمة حَكَمْي، في الاتفاق والاختلاف، وكلمة حميني تعني وتدل على الشعر الذي لا يلتزم الشاعر اليمني فيه بأصول وقواعد اللغة الفصحى عن عمد، وتفسر الكلمة لدى غير اليمنيين بأنها تعني الشعر الملحون من لَحَن في الإعراب أي أخطأ وليس من التلحين؛ أي وضع لحنٍ معين لمقطوعة من الشعر أو الكلمة، وقد يقال: الحميني هو التوشيح أو الموشح الملحون لأنه يلتقي في قوالبه أو أشكاله مع الموشحات، أو التوشيحات الأندلسية وبعض الأزجال العربية.. (الشرفي، 2003، ص. 1737-1750).
[4] الشعر الحكمي: في اليمن يطلق على الشعر الملتزم بقواعد اللغة العربية الفصحى ومفرداتها وعروضها اسم الشعر الحكمي، وتنسب التسمية إلى قبيلة حَكَم إحدى قبائل تهامة غرب اليمن، وترجع في أصلها إلى قبيلة مذحج اليمانية المعروفة.
[5] الطُّربي/ القنبوس: وهو العود اليمني القديم ذو الأوتارٍ الأربعة والبطن المغشاة بالجلد، ويعود تاريخه إلى الحضارات اليمنية القديمة منذ الألف الثالث قبل الميلاد، سمّي بـ(الطُّربي) لوظيفته الإطرابية، كما أطلق عليه (القنبوس) أيضاً لملامح التشابه مع العود التركي الذي سُمّيَ "قنبس" والذي انتقل من اليمن إلى تركيا، وساهمت فيه الهجرات اليمنية، الحضرمية تحديداً، في انتشاره في دول شرق آسيا وأطراف إفريقيا الشرقية وإلى الأندلس فيما بعد، وهو الذي عُرِفَ لاحقاً باسم العود المنتشر في جميع أرجاء الوطن العربي وخارجه.
[6] لقب الشيخ أو المشيخة، ليس لكبر سنه، بل لأنه كان فناناً عظيماً، وكان يطلق على بعض الفنانين القدامى ولا يطلق في نفس الوقت على بعض الأسماء الأخرى،.. (ناجي، ص. 16).
مجلة موسيقية تصدرعن المجمع العربي للموسيقى الذي هو هيئة متخصصة من هيئات جامعة الدول العربية وجهاز ملحق بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، يعنى بشؤون الموسيقى على مستوى العالم العربي، ويختص تحديداً، وكما جاء في النظام الأساسي للمجمع، بالعمل على تطوير التعليم الموسيقي في العالم العربي وتعميمه ونشر الثقافة الموسيقية، وجمع التراث الموسيقي العربي والحفاظ عليه، والعناية بالإنتاج الموسيقي الآلي والغنائي العربي والنهوض به.
https://www.arabmusicacademy.orgتشرين2 30, 2023
تشرين2 30, 2023
Total Votes: | |
First Vote: | |
Last Vote: |
تشرين2 30, 2023 Rate: 5.00
تشرين2 30, 2023 Rate: 5.00
تشرين2 30, 2023 Rate: 5.00
شباط 26, 2019 Rate: 5.00
آذار 31, 2021 Rate: 5.00
أيار 27, 2021 Rate: 5.00
أيار 07, 2013 Rate: 1.00
أيار 02, 2015 Rate: 2.67
حزيران 30, 2012 Rate: 5.00